يوميات تلاجة ..
1- الإسم : ثلاجة ... العمر :عامان ... اسم الشركة : ( مش هقول عشان ميبقاش إعلان) ... إشتراني الاستاذ سمير وزوجته وقررو أن يضعوني في مطبخهم ... فبعد أن قدمت ثلاجتهم ذات ال 12 قدم ... قررو أن يستبدلوها بي (أنا 20 قدم على فكرة) ... لن أنسى أبدا نظرات الشفقة من هذه الثلاجة القديمة لي في أول يوم ... فقد مكثت معها يومين إلى أن باعوها .
قالت لي في أول يوم : يعني انت فاكرة يعني إنهم هيرحموكي ؟ ... دول هيطلّعو عنيكي ... دول معندهمش يمّا إرحميني في الاكل ... ده كفاية الواد ابنهم بودي ... هو آه معندوش غير خمس سنين , بس عيل ابن مفجوعة ... ولا الباب بتاعك ... ربنا يصبره على الرزع اللى هيترزعه من بودي وعيلته.
كاد أن يغشي على من هول ماسمعت ... فأنا لا أحتمل كل هذه المضايقات ... فأنا لن أأتي من الشارع بل أتيت من شركة محترمة ... ولا احتمل أي إهانه لي... لكن ما عساي أن أفعل ؟! ... فقد إشتروني بأموالهم ... لقد دفعو في بضع آلاف لأكون جارية عندهم ... يفعلون بي ما يشاءون...سحقا للأموال التي تشتري أي شئ .
انقضى أول يوم لي في المطبخ دون أن يلمسني أحد ... فقد نبه مندوب المتجر الذي اشتراني منه الاستاذ سمير بأن لا يضع أحد اي شئ بداخلي قبل مرور يوم كامل .
ولكن انقضى هذا اليوم بسرعه رهيبة ... فجاء الاستاذ سمير وزوجته ومعهم احد الاطفال الذي يبدو من مظهره أنه (بودي) ... اقترب مني بودي واحتضني برفق وهو يقول ... ياااااااااااه الحمد لله إنكو اشتريتو تلاجة كبيرة عشان اعرف انام فيها بدل الثلاجة الصغيرة القديمة .
ماذا يقول هذا المجنون ؟ ... أنا تلاجة مش سرير ... ولكن ما طمأنني أن والدته قالت له بصوت عالي : حسك عينك تحاول تعمل كده .
2- بودي جعان
تم وضع كميات كبيرة من الطعام على أرففي ... وكذلك في الفريزر ... كنت اتنفس بصعوبة ... فلم اكن استطيع استنشاق غاز الفريون بسهولة ... لأنني اصبت بالإعياء من تكدس الطعام بداخلي .
لكن لم يمر إلا يوم واحد واصبح معدل تنفسي في المعدل الطبيعي ... ولكن مازاد من إعيائي مرة أخري .. هذا الطفل المسمى ب بودي ... إنه عدوي اللدود .. ولكي لا يتهمنى أحد بإني معقدة و أكره الاطفال ... دعوني أسرد لكم ماذا فعل بي هذا الشقي .
الساعة التاسعة مساءا .. يقف بودي بجوار والدته ويقول لها : ماما ... ماما .. أنا جعان يا ماما ... أنا جعاااااااااان .
ترد الام وهي غاضبه : هخلص اللي ففي ايدي واعملك سندوتشات .
بودي: لأ مليش دعوة ... أنا عاوز آكل دلوقتي حالا ... مليش دعوة ... مليش دعوة ( وبقى عامل زي اللي انفجرت في وشه ماسورة ميه من كتر العياط
) .... صرخت والدته فيه بقوة :خلااااااااص.. خلااااااااص.. اتكتم بقى ... روح هات علبة الجبنة من التلاجة .. رووووووووح.
وبعد أن سمع كلمة والدته الاخيرة .. انطلق نحوي بسرعة .. وفتح بابي بعنف وأخذ يلقى النظرات بحثا عن علبة الجبنة .. انتظرت طويلا حتى يجد العلبة .. أخيرا وجدها .. انتظرت حتى يقفل بابي .. ( يلّا يا بودي ... يلّا يا حبيبي .. الباب مفتوح اقفله ...)
لكن لم يلتفت إلى .. اصعب أمر على أي ثلاجة .. أن يظل بابها مفتوح .. لا نشعر بالامان نحن معشر الثلاجات إلا وبابنا مغلق علينا مثل أي بيت .. ولكن ترك بودي بابي مفتوح .. ولم يغلقه إلا والدته التى لم تكتشف أن بابي مفتوح إلا بعدها بساعة ... حمدا لله أن بابي تم قفله .. وددت لو كان لي يد ليس لكي اغلق بابي ولكن لكي امدها لوالدة بودي لاشكرها عما فعلت ... وكذلك لكي اضرب بها بودي تأديبا له على فعلته ..
3- هي التلاجة بتنور إزاي ؟
في أحد الايام بينما كنت واقفة كعادتي في المطبخ اكتب كل طعام يخرج مني .. كما أكتب كل المستجدين .. خرج اليوم ( حلة محشي كانت بايتة من امبارح .. نص فرخة مسلوقة .. تلات طماطمات .. خيارتين ) ... المستجدين (علبة جبنة نستون .. بس مش عارفه هل هي علبة كاملة ولا ناقص منها حاجة .. بس جاري التحريات عن العلبة ) .
بينما أنا منهمكة في عملي .. شاهدت بودي يقترب مني .. ترقبت ماذا سيفعل .. اقترب منى وفتح بابي بعنف كالعادة .. واعترته الحيرة ... ثم أمد رقبته داخلي وأخذ يبحث عن شئ ما .. ثم قفل الباب ببطئ .. حمدت الله أنه لم يمكث كثيرا .. ولكنه لم يتحرك من مكانه .. لقد فتح بابي بعدها سبع مرات .. حتى كدت أصاب بالدوار .. لكني تماسكت .
بودي وهو يفكر بعمق : ما هو أنا لازم اعرف ليه كل ما افتح التلاجة تنور ولما اقفلها النور يطفي .
أكل هذا العذاب لكي يعرف سبب إضاءتي .. لماذا لا يسأل والدته ويريحني بدلا من تقمص دور عالم مستكشف .. غادر بودي وهو مازال متحير .. ولكن كان يبدو عليه بأنه يحضّر لشئ ما لحل هذا اللغز .
طلبت سريعا من طبق الفول الذي يوجد بالقرب من باب الثلاجة أن يمنع بودي من فتح الثلاجة إذا حاول فتحها اليوم مرة أخرى .. لكنه قال لي بانه على موعد غرامي مع طبق الطعمية الذي يسكن بجواره .. اخبرته بأن بودي لن يجعله يهنأ بهذا الموعد الغرامي فلربما يأتي الآن ويكرر فعلته .. ويضئ الثلاجة .. لكن طبق الفول قال لي بأنه لن يستطيع منع أحد من فتح الباب فلربما اكتشف بودي فعلته ويكون مصيره الأكل قبل أن يقابل محبوبته الطعمية .. اشفقت عليه لذلك لم اكلمه مره اخرى وانتظرت هذا ال بودي .
يقترب بودي مني ومعه هاتف محمول .. إنه مهاتف والدته .. ماذا سيفعل هذا المجنون .. هل سيأخذ صورة تذكارية معي .. لا أريد هذه الصورة .
فتح بودي بابي ثم قام بتشغيل وضع الفيديو ثم وضع الهاتف مقابل اللمبة ثم قفل الباب .. وبعد نصف دقيقة .. فتح الباب متلهفا ... ولكن .....
لم يجد الهاتف .. أخذ يبحث عنه طويلا حتى وجده داخل حلة الشوربة .. صدم بودي وحاول إخفاء جريمته .. لكن دخلت عليه والدته فجأة لتكتشف ماذا فعل .. لا داعى لإكمال ما حدث فأكتفى بأن أقول أني طربت كثيرا لسماع صراخ بودي وأمه تعاقبه .. وهنيئا لك يا طبق الفول يوما رومانسيا .
4- أنا والكهربا
يخاف الجميع من الكهرباء .. أما انا فلا أخاف منها بل أكن لها الإحترام ف لولاها لم أكن استطيع العمل وتبريد اي طعام ..
في أحد الأيام فوجئت بجسدي وهو مرتخى .. سألت جميع من بداخلي عن السبب .. ولكنهم لم يعرفو .. أما أنا فقد علمت ما حدث .. لا توجد كهرباء .. تفحصت سلكي جيدا ولكنه كان خاليا من أي كهرباء .. هذا يعني اني الآن لا استطيع تبريد أي شئ .. أنا الآن جثة هامدة .. أنا الآن لست إلا علبة من الصفيح لا فائدة منها .. بكيت كثيرا على حالى .. وعلى حال هذا الطعام المسكين الذي يوجد بداخلي .. فكيف ساحافظ عليه الآن من الفساد .
ساعات معدودة ويفسد الطعام الذي بداخلي .. صرخت احدى حبات الطماطم مستنجدة بي كي أبرّدها .. فهي تخشى ان تهاجمها الفطريات وتتعفن .. قالت لي ( ابوس اديكي اعملي أي حاجة .. انا بترعب من الفطريات .. انا عندي اتعصر في الخلاط وابقى صلصة ولا إن فطر واحد يتهجم عليا ).
مسكينة هذه الحبة .. ولكن ما عساي أن أفعل .. فأنا لا اعمل إلا بالكهرباء .. طالبت منها أن تتماسك .. عسى أن تأتي إلينا نجدة .
مرت ساعات كثيرة والحال على ما هو عليه .. بين الحين والآخر اتفقد الطعام لعل احدهم يحتاج لمساعدة .. لكن ما آلمني إني لن استطيع ابعاد أي هجوم بكتيري على أي طعام .
مرت ثلاثة أيام .. وحينها صعقت مما رأيت .. لقد رأيت جيش من الفطريات يقف بجواري يتآمرون للإنقضاض على الطماطم الموجودة بداخلي .. كاد قلبي أن يقف .. وترددت كثيرا في إخبار الطماطم بأن هناك مؤامرة تحاك ضدها خارج الثلاجة .. ولكن حتى إذا اخبرتها فماذا ستفعل ؟ ... لا شئ .
جيش الفطريات يعد العدة لدخولي .. ولا حاجة لهم بأن يفتحو بابي .. فهم أصغر بكثير من الفراغ الموجود بين بابي وجسدي .. رأيت قائدهم يخطب فيهم بحماسة بانه قد علم بوجود كيس من الطماطم بداخلي .. وكل الظروف مهيأة لدخول الثلاجة والإنقضاض على هذا الكيس .. فقد أخبره أحد الجواسيس بان هذه الثلاجة لا يوجد بها أي كهرباء .. ودرجة الحرارة بداخلها مثل خارجها .
سحقا لهذ ا الجاسوس كيف لم أراه وهو يتجسس علي .. ولكن لا داعي للندم .. فالجيش يقف على الابواب .
لكن ما هذا ؟ ... الجيش يتراجع إلى الخلف .. نعم .. إنه يتراجع .. لقد عادت الكهرباء .. حمدا لله على سلامتك .. قفزت حبات الطماطم مهنأه بعضها البعض لعودة الكهرباء .. ولكن لن ينقضى إلا ساعة واحدة حتى فتحت السيدة منار ( زوجة الاستاذ سمير ) بابى وأخذت كيس الطماطم الذى انتهى مصيره داخل أحد الخلاطات .
5- الفريزر (1)
الفريزر هو بيت الامراء .. فلا يسكنه إلا كيس لحم أو دجاجة .. أما باقى الطعام فيسكن بداخلي .
ولكن ما يغيظني بعض سكان الفريزر الذين يظنون انهم افضل من بقيه السكان .. لقد قالت لي ذات مرة احدى الدجاجات المجمدة : أنا مش عارفه ازاي انا قابلة اعيش في نفس المنطقة مع شوية خيار وجزر ملهومش لازمة .
عزيزتي الدجاجة المجمدة : ومن أنت كي تتكبرين على هذه الاطعمة .. لقد كنتي قبل يومين محبوسة في قفص الطيور تنتظرين دورك كي تذبحي .. افبعدما ذبحوكي وجمّدوكي اصبحت مغرورة .. عجبا لكي ايتها الدجاجة .
دعونا نترك هذه الدجاجة لكي اخبركم عن بعض سكان الفريزر .
1- زجاجة ماء بلاستيكية ... كانت المياه بداخلها دافئة ... ظنت المياه بأنها ستظل سائلة تفعل ما يحلو لها .. لكن دوام الحال من المحال .. فما هي إلا دقائق معدودة وبدأت المياه في التحول إلى ثلج .. لا اعلم لماذا يتحول الماء من الحالة السائلة الى الحالة الصلبة عندما تنخفض درجة الحرارة .. فكرت كثيرا في هذا الامر وبعد قرابة 8 ساعات تفكير خرجت بهذه النظرية (أرجو ألا ينسب احدا من العلماء هذه النظريه لنفسه .. وإن اراد الاستشهاد بها فيجب عليه ذكر المصدر)
تنص نظريتي على التالي ( عندما تنخفض درجة الحرارة تشعر جزيئات الماء بالبرودة فتقترب الجزيئات من بعضها البعض لتدفئ بعضها الآخر وبذلك يتكون الثلج ) ... أرجو ان انال جائز نوبل على هذه النظرية العبقرية التي اكتشفتها .
2- كيس لحم .. يعلم جميع سكان الثلاجة وكذلك الفريزر من هي اللحمة وما هي مكانتها .. فلا يجرأ احدهم بمناداتها باسمها مفردا بدون ذكر سيدة قبلها (سيدة لحمة ) ... حتى هذه الدجاجة المجمدة المغرورة التي ذكرتها لكم .. لم تجرأ على فعل ذلك .
ترجع المكانة العالية للحمة لغلاء ثمنها ورغم ذلك يتهافت الجميع على شرائها .. ولكن كم هم عدد المحظوظين الذين يملكون ثمنها .. وكم هم عدد الفقراء الذين لا يشاهدون اللحمة إلا وهي معلقة على ابواب الجزارين .. وكم هم عدد الذين يسافرن ويتغربون كي يأكلو اللحمة يوميا بدلا من مرتين في الاسبوع .. وكم هم عدد الذين يرضون بيوم لحمة وحيد في الشهر ... وكم وكم ....
3- آيس كريم .. هذا الإختراع العجيب الذي يتهافت عليه الصغار والكبار .. لا أعلم لماذا يحب الاطفال هذا الآيس كريم .. كشفت لي في ذات المرات احدى علب الآيس كريم حقيقة لا يعلمها الاطفال بان حبهم لها هو حب من طرف واحد .. فذكرت لي ان الاطفال عندما يتناولونها لا ياكلونها كما تؤكل بقية الاطعمة بل يلعقونها بألسنتهم .. فهذا شئ مقزز أن يؤكل الآيس كريم بهذه الطريقة .. طالبت مني العلبة بأن أوصل صوتها لمنظمة حقوق الآيس كريم كي يخترعو نوعا جديدا يؤكل كما تؤكل باقي الاطعمة .