اتفضل يا عم ... سمي كده وإدخل برجلك اليمين ... اطلبلك حاجة ؟

لأ ... طب كويس .. منور ياباشا

أنا مش شايفكو ( قصة خيالية )


هييييييييييييييه ( قالها العالم الجهبز (فريد النووي) عندما إنتهى من تصنيع حبّاته الجديدة التى سوف تغير العالم على حد قوله  ) .
كانت تهليلته المجلجلة كافية لأن توقظ  زوجته التي تنام في الغرفة المجاورة لغرفة معمله .... ولم تقم الزوجة مفزوعه من نومها كما سيتوقع البعض ... فقد إعتادت يوميا سماع أصوات إنفجارات وطرقعات من هذه الغرفة المكتوب على بابها ( معمل الدكتور العلاّمة فريد النووي .... الرجاء قراءة الفاتحة قبل الدخول ... فالعمر واحد والرب واحد ).
قامت الزوجة من النوم ودخلت لتطمئن على زوجها , فلربما قام بإختراع حبة أفقدته ما تبقى من عقله ... لكنها وجدته ممسكا بأحد الحبات الصغيرة ورافعا بيده للأعلى كمن يشهر سيفه ويقول بكل فخر ( يا عديلة ... أنا إخترعت الحباية إلي أعدت خمس سنين أحاول أعملها ... أنا مش مصدق نفسي ... أنا ... أنا ... عاوز أعيط  من الفرحة  ) ....... وقبل أن يكمل .. أطلقت زوجته زغروطة طويلة .. ثم قالت  ( يا حللولي يا حللولي .... بركة يا خويا إن ربنا هيتوب علينا وتبطل بقى الوَش إلي بتعملهولنا كل يوم ... يا راجل يا منخوليا .. إنت محرمتش تعمل إختراعاتك الفاشلة دي )
نظر إليها فريد في غضب , ولكنه لم يشأ أن يفسد فرحته فترك زوجته في الغرفه وخرج إلي الصالة وهو مازال ممسكا بالحبة التي إخترعها ... وهو يتمتم ( والله وعملتها يا بطل ... الحباية دي هتغير مجرى العالم ... ها ها ها  ).
ضربت الزوجة كفا على كف وهي تشاهد زوجها بعد أن خرج من المعمل وهو يقفز على كراسي الأنتريه كالأطفال ويردد الأغنية الشهيرة ( الناجح يرفع إيده ... هييه .... الناجح يرفع إيده ... هيييييه ...... دايما علطول دايما علطوووووووول ... دايما دايما .... دايما ديما ... داااااايما ) وقال جملته الأخيره وهو يقفز لتصطدم رأسه بالنجفة المعلقة في السقف .... ليسقط على الأرض ..... وتصرخ عديلة ( دااايما تتخبط في النجفة يا موكوس ... يالههههههههوي ) .
تجلس عديلة بجوار فريد الراقد على السرير وهو يتوجع من الألم وتقول له ( معلش يا خويا جت سليمة .... بس يا فريد حرام عليك إلي بتعمله فينا ده ... إنت يا راجل مش هتعقل بقى وتبطل الإختراعات إلي بتعملها دي ... إلي مفيش كده مرة إختراع نفع ... ده كل إختراعاتك بلا إستثناء فاشلة ... يا فريد يا حبيبي إنت ملكش في السكة دي ... إنت مالك ومال العالم دول ؟ ... طب أنا راضية ذمتك ... في مخترع في العالم بعد كل إختراع ليه ينط على كراسي الإنتريه وكل مرة لازم يخبط دماغه في النجفة ... مفيش مرة يغلط و يخبط في المروحة (عشان تطيّر رقبته – تقولها بصوت خافت - )
فريد في كبرياء : دي نشوة الإنتصار يا عديلة ... إنتصاري على جهلي وإكتشاف حقائق الأمور .... أمثالك من العامة مجربوش النشوة دي .
عديلة ترفع يدها إلي السماء وتقول : يعوض عليا ربنا عوض الصابرين .
فريد : أنا عاوزك يا عديلة مرة تقفي جنبي , وتؤمني بيا كعالم موهوب ليه إختراعاته ... أي نعم إختراعاتي كلها مكنتش موفقة , لكن لازم تعرفي إن المرة دي ... أنا إخترعت حاجة جديدة ومدهشة ... الحباية السحرية ( قالها بطريقة جعلت عديلة تتناسى أنها أمام مخترع فاشل فقالت في لهفة : حباية إيه دي يا أخويا ؟ )
فريد : دي حباية بتخلي إلي ياخدها ميشوفش أي بشر أدامه .
عديلة في تعجب : إزاي ياخويا ... مش فاهمة ولا مؤاخذة ... يعني الواحدة تاخد الحباية دي تتعمي يعني ولا إيه ؟ ... ياريت توضح ياخويا ... أنا مش مستوعبة الكلام المجعلص إلي بتقوله ده .
فريد في سخرية : هههه ..  يتعمي إيه يا عديلة ... هههه .. يخرب عقلك .. دي آخرة أعاد العلماء العباقرة أمثالي مع عامة الشعب أمثالك ... ها ها ها ..... بصي يا عديلة يا حبيبتي .. الحباية دي إلي بياخدها بيشوف كل حاجة ما عدا البشر ... يعني مثلا الأبهات ممكن يدوها لولادهم عشان يعرفو هما بيعملو إيه من وراهم .. فهمتي ؟
عديلة : والله دي حاجة حلوة خالص ... بس إنت يعني جربت الحباية دي ؟
فريد في ثقة : ما تقلقيش يا عديلة ... أول واحد هجربها فيه ... إبننا حاتم ... مش هو عاملي فيها واد صايع ... طب إحنا بقى هنشوف مين الصايع إلي بجد .

عديلة في قلق : بس يا فريد ... أخاف يحصلو حاجة ... دا إبننا الوحيد .
فريد : ما تقلقيش ... ده الإختراع الوحيد إلي أنا متأكد من مفعوله مية في المية ... ده غير إنه هيخلي إلي هياخدها ميشوفش البشر كمان مش هيسمعهم ......وطبقا للقوانين الفيزيوكيميائية إلي طبقتها ... أحب أقولك إن مفعول الحباية دي بتراوح من 6 ل 8 ساعات ...
تفتح عديلة فمها في بلاهة وهي تقول : فيزيو إيه ؟ّ!
فريد : مش مشكلة يا عديلة ... الجملة دي هحتاج خمس سنين أشرحلك فيها .... المهم دلوقتي ... إحنا هنجرب الحباية دي لما حاتم ييجي من الكلية .... إيه رأيك ؟
عديلة في خبث : والله وقعت يا حتومة ... دلوقتي هنعرف كل المصايب إلي إنت مخبيها علينا ومبترضاش تقولهالنا .
وإتفق الزوجان أن يتم وضع هذه الحبة في كوب الشاي بعد أن يتناولو الغداء  ....
(على مائدة الطعام , يجلس فريد وزوجته وإبنهم حاتم) .
حاتم في غضب : يا ماما , أنا قلتلك كذا مرة , مبحبش السبانخ ... دي عاملة زي الطحالب وبقرف منها أوي ...
فريد يرد متقمص دور عالم كبير في عالم البحار : يا حاتم يا إبني .... تركيبة الطحالب اللارخوية اللزجة المنتشرة في البحار والمستنقعات وعلى حواف الطرق التي يغلب فيها إنفجار مواسير الصرف تختلف عن تركيبة السبانخ الخضراء التي تزرع في الأراضي الزراعية والتي تحتوي على كمية كبيرة من الحديد المفيد لجسم الإنسان .
عديلة مؤكدة على كلام فريد : أيوه يا إبني ... كل الكلام إلي أبوك قاله ده ومفهمتش منه ولا كلمة صح .... يا إبني هو حد عارف يشتري حديد الأيام دي ... إحمد ربنا عالنعمة إلي أنت فيها .... عارف يا حتومة .. وأنا في السوق إنهارضه لقيت إلي بيبيع السبانخ كاتب على نوع أعلى من التاني 2 جنيه بحالهم , بسألو ليه ... قالي في سبانخ فيها حديد وسبانخ من غير حديد وإنتي عارفة يا مدام الحديد غالي اليومين دول ...... وحياتك يا حتومتي جبتلك أم حديد ... مش مشكلة أغلى 2 جنيه , لكن أهم حاجة تاكل وترم عضمك .
حاتم : غريبة أوي يا ماما إنك موافقة بابا على كلامه ... مش عوايدك يعني .
عديلة : هي الواحدة فينا ليها إيه إلا إنها تسمع كلام جوزها ... وعشان تعرف إن كلامي صح ... هخرج ولأول مرة مع أبوك بعد الغدا عشان نشتري شوية حاجات كده ... وإبقى خلي بالك بقى من البيت .
تلمع عين حاتم فهذه أول مرة سيترك له البيت خاليا ليفعل فيه ما يشاء .
بعد الإنتهاء من الطعام تحضر الزوجة الشاي بعد أن وضعت الحبة لحاتم في كوبه ... وبعد أن يشربو يتظاهر الزوجان بإرتدائهم لملابس الخروج لإيهامه بأنهم سوف يخرجون ... ويذهب بعدها حاتم لينام ساعتين ... وبعد أن يستيقظ يطمئن أن البيت خالي .... ويبدأ في الإتصال بصديقته هناء : ألو إزيك يا بت ... إيه الأخبار .. بقولك إيه ... قولتي إيه في الفكرة إلي قولتلك عليها .
هناء : لا لا يا حاتم ... أنا بنت محترمة ومقدرش أتجوز من ورا أهلي .
تقترب عديلة من إبنها الذي لا يراها وتهم بأخذ السماعة من يده ... لكن يشير لها فريد بأن تهدأ حتى ينتهي .
حاتم : يا بت ... هو أنا بقولك نعمل حاجة غلط ... إحنا هنتجوز ... مش أبوك عاوز يجوزك غصب عنك .... إنتي شكلك بقى عاوزة تضحي بيا ... بس أنا بقى مش هضحي بيكي , ومفيش أي قوة في الدنيا هتمنعني من الجواز بيكي .... دأنا بحبك يا بت ... بحبك .... بحببببببببك .
وفي هذا الأثناء لم تتمالك عديله أعصابها وتخلع حذائها وتنزل به على رأس حاتم ... يفزع حاتم ويتلفت حوله لكنه لا يرى أي شئ ... فيفسر ما حدث عله يكون معجزة من معجزات الحب .
هناء في تعجب : إيه مالك يا حاتم ... سكت ليه ؟
حاتم : مفيش يا حياتي ... أصل حسيت بحاجة بتطرقع على قفايا ... بس أكيد ده كله من الحب ... أصل يا هناء الحب ... الحب يا هناء ... بهدله ...... آآآآآآآه ( طرقعة أخرى من عديلة )
حاتم : بقولك إيه يا هناء ... إقفلي دلوقتي وهكلمك بعدين .... الظاهر إن الحب بهدلة بجد ... سلام سلام .
يقفل حاتم السماعة بسرعة ويتلفت حوله لكنه لا يجد أي شئ .... ويحاول أن يطمأن نفسه أن الذي حدث له يحدث لأي حبيب عاشق .... يتناسي حاتم ماحدث له ويذهب لغرفة والديه فقد نفذ مالديه من مال وهو مقدم على خطوة جديدة في حياته ... الجواز .
يتسحب والديه ورائه ... ويقفو على الباب وهما يشاهدانه وهو يأخذ 200 جنيه ويعدهم   ( عشرة عشرين ........ 180 ... 200 ... كده خدنا المتين جنيه ... وطبعا لما ابويا يعرف إن الفلوس ناقصة هيتهم أمي ... ويتبادلو الإتهامات وأطلع أنا منها .... حتى لو إتهموني ... هعرف أطلع منها .... دا أنا واد مخلّص ...( وقبل أن يكمل كلمته الأخيرة أصابه حذاء طائر من أبيه الذي لم يحتمل هو الآخر هذا المشهد .... إلتفت حاتم مرة أخرى ... وأحس أن في الأمر شئ مريب ... لكنه تمسك بال200 جنيه ... وخرج مسرعا من الغرفة ... ولكنه تسائل : هو ده صوت ضميري ؟! ...  أنا إلي أعرفه إن الضمير بيوجع .. لكن مش بالغباوة دي ... ومن إمتى أصلا أنا ضميري صاحي .... على العموم يا ضميري لو إنت راجل أقف أدامي وكلمني راجل لراجل ... مش تضرب وتجري .... واستجابة لطلب حاتم خلع والده حذائه الآخر وصوبه عليه .... ليجري حاتم مفزوعا لغرفته وهو يقفل الباب خلفه .... وهو يقول : خلاص يا عم الضمير ... مكنتش كلمة دي .

إختبأ سريعا تحت لحافه وهو يرتعد ..... وندم كثيرا أن والداه تركاه في المنزل وحيدا ... لقد كان منذ ساعات قليلة سعيدا بخلو المنزل ... أما الآن فقد تمنى وصول والديه على وجه السرعة .... مضت الساعات عليه وهو مختبأ تحت لحافه مترقب لأي حركة فجائية لضيوفه الذي لا يراهم ... كلما سمع صوتا نظر خلسة من تحت اللحاف في خوف شديد .... وظل على ذلك ساعات حتى غلبه النوم .

في الخارج كانت والدته شديدة القلق عليه , فقد شاهدته وهو يجري مفزوعا بعد أن أصابه حذاء صاروخي من والده .... لكن فريد طمأنها بأن غدا عندما يستيقظ سيخبره بالحقيقة .
في الصباح ... إستيقظ حاتم من نومه مبكرا , لا لكي يلحق أول محاضرة له , بل ليقابل هناء ... فالكلية بالنسبة له ( كرسيين على كافتريا  .... كرسي ليه وكرسي لهناء ) ... ولولا أنه يذهب لمقابلة هناء لم يكن ليستيقظ في هذا الوقت الباكر .... نزل من المنزل مسرعا وقد حاول جاهدا أن يتناسى ما حدث له بالأمس ....
 على غير العادة ... الطريق يخلو من المارة ... تعجب حاتم كثيرا ... فهذا الوقت هو وقت ذهاب العاملين إلي عملهم والطلبة إلي مدارسهم وكلياتهم ... وأخرج موبايله ليتأكد من تاريخ اليوم ... ( إنهارضه الإتنين يعني ! ... أمال مفيش حد في الشارع ليه ؟! ..... هوإنهارضه 6 أكتوبر ... لا لا إحنا في شهر يناير ... آآه يبقى أكيد إنهارضه 23 يوليو ....  23 يوليو ! ... إيه الغباء إلي أنا فيه ده ... ثورة 23 يوليو مكنتش في يناير على حد علمي .... وبعدين إحنا عمرنا ما خدنا 23 يوليو أجازة عشان بتبقى أصلا في الأجازة ....... في حاجة مش طبيعية بتحصل ... أما أتصل بهناء  )
-         ألو إزيك يا هناء ... إيه الأخبار ... بقولك إيه ؟ ... هو إنهارضه فيه أجازة ؟
-         أجازة إيه يا حاتم ... إنهارضه يوم عادي ... إنت إتغيرت أوي على فكرة  من ساعة التلفون بتاع إمبارح .
-         إنتي متأكدة إن النهارضة مش أجازة ؟
-         جرالك إيه يا حاتم ... وإيه أصلا إلي خلاك تقول كده ؟
-         الشارع عندنا فاضي ومفيهوش ولا بشر علي غير العادة .
-         غريبة ... إحنا عندنا في شارعنا عادي ... فيه ناس زي أي يوم ... الظاهر إنك تعبان شوية يا حاتم ... بقولك إيه ؟ ... ماتريح النهارضه في البيت وبلاش كلية .
-         لا لا ... أنا لازم أقابلك إنهارضه .
في المنزل ... يسرع فريد إلي زوجته ويقول ( هو حاتم نزل الكلية ولّا إيه ؟ .... يادي المصيبة ... أنا إكتشفت إن الحباية مفعولها ممكن يوصل ل 24 ساعة ... إتصلي بيه حالا .... وتسرع الأم بالإتصال به لكن الموبايل خارج نطاق الخدمة ... يرتدي فريد ملابسه سريعا ليلحق حاتم قبل الذهاب للكلية )
على الرغم من علامات التعجب الكثيرة التي تطايرت حول حاتم ... إلا أنه كان في غاية السعادة بخلو الطريق من المارة ... ولأول مرة سيستطيع أن يجري في هذا الشارع بحرية دون أن يزعجه أيا من المارة ... تقمص حاتم دور أحد المتسابقين في سباقات العدو ... 3 ...2 ...1 .... إنطلق ....... أطلق حاتم ساقيه للريح ذاهبا إلي محطة المترو التي تبعد خمس دقائق من منزله ... وسط نظرات المارة المتعجبة من هذا المجنون الذي يظن نفسه في أحد السباقات ...
أحد الأطفال الممسك بيد أمه ينظر خلفه ويشاهد حاتم الذ يجري بسرعة الصاروخ ويقول - إلحقي يا ماما الواد هيخبط فينا .
-         يا واد إهمد بقى ... خلينا نروح المدرسة ... عشان تلحق الطابور .
-         يا ماما ... يا ماما .
-          كتك مو في عينك ... هو إنت مش هتبطل بقى مغامرات توم وجيري إلي أنت قارفنا بيهم دول .
وقبل أن تكمل الأم ... أمسك الطفل بيد أمه سريعا ليبعدها عن طريق حاتم الذي كان الطريق فارغا بالنسبة له ..... لتلقي عليه جميع أنواع السباب ووصلات الردح الحريمي ( والتي قام الرقيب بحذفها على الرغم من عدم ذكري إلا عشرين شتيمة فقط من الخمسين شتيمة التي ذكرتها هذه السيدة )
وصل حاتم أخيرا للمترو ... وهو يقفز فرحا فقد قطع الطريق في دقيقة واحدة فقط ... ويالها من مفاجئة عظيمة كانت في إستقبال حاتم ... فعندما فُتح باب المترو ... لم يجد أيا من الركاب ... ترقرقت عيناه بالدموع متأثرا بهذا المشهد الذي لم يحدث له على مدار العشرين سنه التي عاشها .... ( مش معقولة ! ... أنا في حلم ولا في علم يا ناس ..... المترو فاضي ! ...... هيييييييييييييه ..... هيييييييييه  ... هههه ... أنا مش مصدق نفسي ... حد يقرصني .. حد يقرصني )
ومع الزحام الكثير الذي في المترو وصراخ حاتم ... إستشاط أحد الركاب غيظا ونزل على حاتم بلكمة قوية وهو يقول ( ماتسكت ياض يا إبن ...... مترو إيه إلي فاضي يا إبن ال ......  الله يخرب بيت الإعلانات بتاعة الحكومة إلي بتجيب القطارات فاضية لغاية ما الناس صدقوهم .... يا رجااااالة يا رجااااالة الشاب ده يخص حد فيكو ...... لم يرد أحد ...... لذلك قام الرجل بتفريغ كل كبته في حاتم وساعده ما يقرب من 120 شخص من راكبي المترو في مهمته البطولية لتأديب هذا العميل )
لم يشعر حاتم بما حدث له ... لأنه قد فقد الوعى عند أول لكمة .... وعندما أفاق وجد نفسه جالسا على أحد كراسي الإنتظار في محطة المترو ... ويتعجب من ملابسه التي تقطعت وينظر في ساعته وهو يقول ... أنا إتأخرت كتير على هناء ... أنا مش هينفع أروحلها كده ... أنا هتصل بيها أعتذرلها ... أنا لازم أروح حالا ..... آآآآآآآآه ياني ..... آآآآآآآآآآه ... أنا إيه إلي حصلي ؟ ... أنا شكلي خدت علقة جامدة أوي ....... آآآآآآه ... آآآآه ....

ركب فريد المترو باحثا عن حاتم ... وقد كان ينظر في كل محطة علّه يكون جالس على أحد كراسي الإنتظار في المترو ... حتى جائت أحد المحطات رأى فيها حاتم  .... نزل سريعا من المترو متجها إليه وقد ضاع تأثير الحبة منه ... فما اخذه من لكمات يكفي لإضاعة أطنان من الحبات .
فريد : إي ده يا بني ... إيه إلي عمل فيك كده ؟!
حاتم : إيه ده ! ... إنت جيت هنا إزاي يا بابا ؟
-         مش وقته يا إبني ... بس قولي ... إيه إلي حصلك ؟

-         أنا كنت داخل المترو عاااادي خالص ... ولكن على غير العادة كان فااااااااضي ...

يهز فريد رأسه بالإيجاب : معلوم يا إبني ... معلوم ... بس بجد ما شفتش حد خالص راكب معاك ؟
-         ولا الهوا .
فريد بفخر : والله عفارم عليك يا فريد .... كمل يا إبني كمل ...
حاتم : وبعدين لسه بعبّر عن فرحتي ... حسيت بدماغي تقلت ... وبعدين لما فوقت لقيت نفسي هنا بالمنظر إلي أنت شايفه ده ....... آآآآآآآآآه ...
فريد : معلش يا إبني ... معلش ... والحمد لله إن محصلكش حاجة أوحش من كده , و قوم بينا يا إبني عالبيت ...

وبعد مرور يومين على هذه الواقعة ... يجلس فريد وزوجته وحاتم على مائدة الطعام .
فريد موجها كلامه لعديلة : بقولك إيه يا عديلة ... الفلوس إلي في الدولاب ناقص منهم حوالي 300 جنيه .
حاتم في سره :  300 جنيه ! .... ده أنت أب مبالغ أوي  ... دول يادوب 200 جنيه ...
عديلة : ما جايز يكونو هنا ولّا هنا ... دور كويس يا فريد .
فريد بخبث : أنا دورت كويس في أوضتنا ...
عديلة : طب يا خويا ماتدور في أوضة الواد حاتم ... ما جايز الفلوس بتطير عنده .
حاتم : فلوس إيه إلي بتطير يا ماما ؟ ... وإيه إلي هيجبها في أوضتي أصلا .
عديلة : مالك يا واد وشك قلب ألوان كده ؟! .... لتكون مخبي علينا حاجة ؟
حاتم محاولا إخفاء توتره : لا أبدا ... هخبي عليكو إيه يعني ؟
فريد في سخرية : براحة عالواد يا عديلة ... الواد مش حمل الشخطة دي .
يهم حاتم للقيام ولكن يشير له والده يالجلوس : أقعد يا حاتم ... ماتحاولش تروح تخبي الفلوس ... إحنا خلاص عرفنا إنت مخبيها فين ورجعناها تاني .
حاتم في توتر شديد : أخبي إيه ؟ .... وفلوس إيه دي إلي أصدكو عليها ؟
فريد في حزم : ال 200 جنيه إلي حضرتك سرقتها من أبوك يا حرامي يا نصاب .... عاملي فيها واد صايع يلا .... وعاوز تروح تتجوز واحد صايعة زيك , أهلها معرفوش يربوها ... لتكونش فاكر إن إحنا نايمين على ودانا ومش عارفين المصايب إلي إنت بتعملها ...... فوق ....فوووووق  
 عديلة : إحمد ربنا إن إحنا عرفنا عمايلك السودة دي قبل ما الفاس تقع في الراس ....... وحسك عينك تاني تكلم البت إلي إسمها هناء دي ...
يرد حاتم وهو في حيرة شديدة : إنتو إزاي عرفتو الكلام ده كله ؟ ..... أنا مستعد أوعدكو إني مكلمش هناء تاني ... ولا أمد إيدي على أي حاجة ... بس بشرط أعرف إنتو عرفتو كل الحاجات ده إزاي ؟
ترد عديلة : أبوك أخيرا إخترع الحباية إلي بقاله خمس سنين بيعمل فيها .... وإنت كنت أول واحد جربناها عليه ...
حاتم : آآه ... أنا فاكر من كم سنة كده لما دخلت عليك المعمل يا بابا ... وسألتك على الإختراع الجديد إلي بتعمله وقولتلي : دي حباية جديدة ناوي أسميها ( أنا مش شايفكو ) ..

تمت .











مش لازم تفتح الحنفية عالآخر ..






الميه نعمة كبيرة ربنا أنعم بيها علينا ... فلازم نحافظ عليها ومنحاولش نهدرها ببعض السلوكيات الغير المسؤولة  وخصوصا إن السنين الجاية هتشهد إنخفاض كمية المية المتاحة لينا ... فممكن بشوية إجراءات بسيطة نقلل من إهدار الميه إلّي أهم مظاهرها :

-         الناس إلي بترش ميه أدام بيتها عشان التراب ... وياريته ماسك صفيحة وبيرش منها , لأ ده بيجيب خرطوم طوله تلاته كيلو مربوط في حنفية غالبا الجلدة بتاعتها بايظة ... وإتفرج بقى على كمية المية المهدرة , يعني لو خدت الخرطوم ده من الراجل إلي بيرش , ممكن تملى بيه كام ترعة على كام بيسين .

وطبعا محدش هيقول للراجل إلي بيرش , إنت بتعمل إيه ؟ ... الخرطوم وشاريه من حر ماله  ... والميه إلي بيرشها برضه طالعة من الحنفية بتاعته ... والراجل الصراحة مش مقصر .. كل شهرين بيروح يدفع فاتورة المية بتاعته ومعلهوش أي فواتير متأخرة .... لكن المشكلة إلّي هو مش واخد باله منها إنه أهدر كمية كبيرة من المية .

-         حاجة تانية ... فيه ناس بتتعامل مع الحنفية كعدو لدود ... فلما تيجي تفتح الحنفية متفتحهاش عشان تنزل سرسوب ولّا سرسوبين .. لا دي بتتخانق مع الحنفية وتفتحها على الآخر عشان تنزل بدل السرسوب عشر سراسيب ... وأنا من موقعي هذا بأطالب الحكومة بفرض عقوبة على المواطن إلي بيفتح الحنفية بمقدار أكتر من تلات سراسيب , بواقع 5 جنيه لكل سرسوب زيادة .

 يعني بجد يا ريت الناس لما تفتح الحنفية , تفتحها على القدر إلي هتستخدمها   بيه , مش لازم نشوف شلالات نازلة من الحنفية ... والكلام طبعا لربات البيوت , لما ييجو يغسلو المواعين ... مش لازم الحنفية تفضل مفتوحة طول ما إنتي بتغسلي بليفة المواعين ... ممكن تغسلي الأول كل الاطباق وبعدين في الآخر خالص تفتحي الحنفية وتشطفي المواعين كلها ( ودي طريقتي المفضلة في غسل المواعين )

وطبعا الكلام ينطبق على بعض الناس إلي بتتوضى في المساجد ... ففي ناس بتفتكر إن ثواب الوضوء بيكتر كل ما الحنفية تتفتح أكتر ... وكل ما تغرق الناس إلي بتتوضى جنبك كل ما بقيت رجل أكثر إيمانا وورعا ... وياريت كمان الواحد ييجي من غير حمى , فهو هيقوم باللازم ويحَمّيك بالمية إلي بيطرطشها عليك وهو بيتوضا .

-         حاجة كمان بتعمل على إهدار الميه ... الحنفيات إلي جلدتها بايظة .... تك  تك  تك  تك   ( ده صوت قطرات الميه نازله من حنفية بايظة ... وغير إن صوت القطرات دي صوت مزعج جدا وممكن يستخدم كوسيلة فعالة في التعذيب , كمان كمية المية المهدرة من الحنفيات دي بتكون كتييرة ) ... فمش هتخسر حاجة لما تروح تنادي على عم حسن السباك عشان يصلحهالك ... ولو يا سيدي مابتحبش السباكين إقفل المحبس وما تفتحوش إلا لما تستخدم الحنفية .

-          الحاجة بقى إلّي أعتقد إنها أكتر حاجة بتهدر في الميه هي الحمى ... يعني خد عندك خمس دقايق الحنفية بتتفتح عشان تظبط الميه وتخليها دافية , ودي فعلا عملية مرهقة جدا ( وبالذات لما يكون عندك سخان غاز رخم ... تفتح البارد الميه تلج ... خلاص إفتح السخن .... يحصل إشعال ذاتي ويشتغل السخان  .... هيييييييه السخان إشتغل ... تحط إيدك عشان تشوف الميه ... طبعا هترقع بالصوت عشان الميه مغليه ... زود الميه الباردة .. حط إيدك .. إشطة الميه دافية ... شغل الدش ... السخان يفصل ... وبعدين بقى ؟ ... يعني يا إما الواحد يستحمى ببخار ميه , يا إما الدش يحدف عليه حتت تلج ... لكن لأن الصبر هو مفتاح الفرج فبعد مرور مدة كبيرة تتحقق المعجزة ويطلع من الحنفية ميه دافية ) ... بعدها يبدأ الدور الإستراتيجي للدُش ... وده فترته بتتراوح من عشر دقايق إلي مالانهاية ... يعني فيه ناس معندهاش مانع إنها تقضي تلات تيام تحت الدش ....... أصل الدش ليه جاذبية كبيرة وصعب مقاومتها ..... أنا عارف إن فترة - تحت الدش - هي من أجمل الفترات إلي الواحد يمكن يقضيها في حياته ... بس برضه لازم تعمل حساب للكمية الكبيرة المهدرة من كل مرة تستحمى فيها .

سؤال أخير ... بتعمل إيه لما الميه بتكون مقطوعة ومفيش عندك غير جركن ميه واحد بس ؟ .... الإجابة المنطقية إنك هتستغل كل نقطة ميه في الجركن وطبعا مش هتهدر ولا نقطة منه .... ياريت بقى نتعامل مع الميه زي ما نكون مش معانا غير جركن واحد بس .

متهم و32 قاضي ..





إنطلقت صافرات الإنذار معلنه عن إقتراب خطر كبير يكاد يفتك بهم جميعا ... على وجه السرعة تم محاصرة الخطر عن طريق عدد كبير من الحراس الذين إلتفو حوله ليمنعوه من القيام بجريمته التي يفعلها كل يوم ... هم يعلمون أنهم بعددهم الكبير لن يستطيعو منعه , ولكن فليكفيهم شرف المحاولة .
إقترب منه أكبرهم و الذي يبدو عليه الوقار وقال : إنت مش ناوي تبطل بقى إلي بتعمله ؟
رد عليه : سيبوني أعمل إلي أنا عاوزه ... هو أنتو عشان عايشين معايا ... كل شوية أسمع منكو الكلمتين دول ...
إقترب منه أكثر ووضع يده عليه في حنو قائلا : إحنا خايفين عليك ... وكمان خايفين على نفسنا ... ما إحنا لو سبناك تعمل إلي أنت عاوزه كلنا هنروح في داهية .... إنت مش عايش لوحدك يا سيادة ( اللسان) ... إنت عايش معاك 32 سنّة ... وخلي بالك إحنا ياما صبرنا عليك , أنا ممكن أسيّب عليك الكام ناب دول وهما هيشوفو شغلهم معاك ... بس إنت عشان عزيز علينا , مش هنعمل معاك كده .
نظر اللسان إلي الأسفل في حرج , ثم قال : أنا عارف إن أنا غلطان , بس يعني فيها إيه لما يطلع مني حتة شتيمة صغيرة لا راحت ولا جت .... ولاّ لما أدردش مع الناس بشوية كلام عن ناس تانية ...
ظهرت آثار الغضب على كبيرهم وكاد أن يضغط بقوة عليه , لولا أن منعه باقي الأسنان , ثم قال : إنت ليه بتتعامل مع الشتايم والغيبة كأنها حاجة بسيطة وسهلة ... دإحنا بنسمع منك في اليوم ما لا يقل عن 30 شتيمة مختلفة ... ( شتيمة عادية .... شتيمة بالام ... شتيمة بالأب ... تلاتة بأم وإتنين بأب وأربعة مشكل ) .... ده كفاية إنك حافظ أكبر موسوعة في الشتايم ( موسوعة الست فهيمة في اللعن والشتيمة ).
اللسان بفخر : دي موسوعة رائعة من أربع مجلدات فيها جميع أنواع الكلمات القذرة , ومفيش ولا كلمة فيها إلا وحافظها بالشرح بتاعها ...
الضرس : مبسوط إنك حافظ كمية شتايم لا تعد ولا تحصى ... حرام عليك , كفاية قذارة .... هو التسوس إلي إحنا فيه ده من شوية ؟ ........ على العموم الشتايم دي حاجة صغيرة من المصايب إلي بتعملها .... يعني إحنا عارفين إن أكتر هواية بتعملها إنك تجيب في سيرة الناس .
اللسان : يا سلاااام ... دي حاجة مزيكا .. لما تمسك واحد مش موجود , وتطلع فيه كل الصفات المش كويسة .... يعني يكون منافق وغشاش ومعندوش دم وعديم الذوق وقليل الأدب ومش محترم وبتاع ستات , ومعندوش أي ميزة خالص ..... بجد حاجة ممتعة ... بكون مبسوط جدا وأنا بمارس الهواية دي .
الضرس بإشمئزاز : إخيه عليك ... بتنبسط لما تغتاب حد وتاكل في لحمه ؟ ... إتفو عليك لسان مش متربي .
اللسان : يا عم إنت , بطل تف بقى ... إنت غرقتني إنت وصحابك دول ... أنا مستهلش منكو كل ده .
الضرس : ماتستهلش كل ده ! ... إنت نسيت البلاوي التانية إلي بتعملها .... تريقتك على الناس .... النميمة ... الكدب ... الشهادة الزور .... وغيره وغيره .... إنت لازم تراجع نفسك كويس ... إنت أس البلاوي كلها ... إنت بكلمة منك تعمل فتن وحروب وجرايم .... بكلمة منك تطلق واحد من مراته وتفرق بين الأخ وإخواته ... إنت ... إنت يا تقول كلمة حلوة يا تسكت خالص .
اللسان وقد بدى عليه التأثر من الكلام : خلاص يا عم .. أنا هعيط كده ... أنا هحاول أبطل البلاوي إلي بعملها ... بس وحياة أغلى حاجة عندك يا شيخ ... تنبه على السنان كلها تاخد بالها وهي بتمضغ الأكل , عشان مش كل يوم أتعض ... أنا خلاص جالي تسلخات ...
لم يمضى عدة ساعات , حتى عاد اللسان إلى ما كان عليه .... وكلما نظرت إليه الاسنان بغضب ... حاول جاهدا أن يتغاضى عن نظراتها القاسية ويكمل جرائمه التي إعتاد عليها , آملا أن يأتي يوما يتطهر فيه من سوءاته ... فلا ينطق إلا بالكلام الطيب .... فليصبر قليلا ... لعل هذا اليوم قريب .


تمت ...



 
Powered by Blogger